تزداد انهماكاً إلى أن مات عبد الملك، وكبت كبوة لم تستقلها آخر الدهر.

قال ابن حيان: وكانت ولاية عبد الملك وفرق النصرانية بأسرها منتقصة، وعهدها قريب بالاجتماع على المسلمين، وأطماعها بموت حتفها المنصور ثابتة. وكانت الأفرنجة في آخر وقت المنصور قد تمسكت بالمسالمة، فلما سمعت بموته طمعت، واحتاج عبد الملك إلى التثاقل عنهم توطيداً للحضرة، إلى أن اعتدلت فيها الدولة، وأخبار الثغور توافيه كل وقت بما لا يوافقه. وكان أهم جموع طوائف الطواغيت عليه يومئذ أميراً شيطانهم الرجيم، ومغويهم الزعيم، شانجه بن غرسيه بن فرذلند صاحب قشتيلة. وكان يليه في النكاية منتدس [بن] عندشلب قومس غليسية، وكافل ملكهم أذفونش بن برمند، وسائر القواميس عندهما سقط وحاشية. فقدم عبد الملك الحذر منهما، فألقى مولاه واضحاً الفتى صاحب مدينة سالم على شانجه، فصالحه واضح سنة ثلاث وتسعين ولاطفه إلى أن تمهدت قواعد الدولة. وجرد عبد الملك يومئذ إلى ثغر قلمرية قاصية الثغر المواجه لأرض غليسية جيشاً كثيفاً، وبقي في وجه منتدس بن عندشلب، وصمد عبد الملك بلد الإفرنجة إذ لم تزل عند ولاة الأندلس مبدأ كل علة. فاستعد لقصدهم، واقتحم أرضهم في جموعه وأوغل في بسيط برشلونة، وحطم غير ما مدينة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015