منها مع حرمه مستخفياً بعد طرد الناس عن طريقه، فيضرب به إلى كل ناحية. ثم يعود إلى قصره. ونال في مدة هذا الإنهماك والدعة أهل الاحتيال من الناس عندهم الرغائب النفيسة، بما ازدلفوا به من أثر كريم، أو زخرفوه من كذب صريح، حتى لقد اجتمع عند نساء القصر ثمانية حوافر عزي جميعها إلى حمار عزيز المستحيى بالآية الباهرة، واجتمع عندهن من خشب سفينة نوح عليه السلام وألواحها قطعة، وظفرن من نسل غنم شعيب عليه السلام بثلاث. وكلفن من هذا ومثله لعفتهن وزهد صاحبهن بأشياء توجهت على أموالهن من قبلها أعظم حيلة، ولهجن مع ذلك بطلب ذوي الأسماء الغريبة من الناس، الموافقة أسماؤهم لمن اجتباه الله من خلقه. مثل عبد النور وعبد السميع وعبد اللطيف وعبد المؤمن وحزب الله ونصر الله وفضل الله، ومثل ياسين واليسع ومن جانسه، يصير الرجل من هؤلاء في الحاشية، ويستعمل على وكالة جهة، ولا يبعد أن يتمول في أقرب مدة، وإن اتفق مع ذلك أن يكون ذا لحية عثولية، وصاحب سبال وهامة، فقد تمت له السعادة، ولا سيما إن كانت لحيته حمراء قانية، فإنها أجدى عليه من دار البطيخ غلة، ثم لا يسأل عما وراء روائه من أصل ولا فضيلة، ولو كان مردداً في بني اللخناء، وعارياً من جميع الخصال، والأخبار في مثل هذا عنهن كثيرة [53] مأثورة. فباهت حرم هشام بمثل هذه المعاني الشاذة، وبذلن [من] الأموال في التماسها بما لم يسمع مثلها، ولم تزل الدولة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015