والمكر والخلابة عجبا. وكان يرجع في إقامة ما اعتاده من سعة إنفاقه إلى ما جاؤ به من بلده من عقود وذخائر، فيبيع من ذلك النفيس والخطير، وربما اشترى من ذلك عبد الملك فيزيد في حسرته. وكان عبد الملك [راغباً] في رفعة منزلته، وولاه الوزارة أرفع خطط أصحاب السلطان بالأندلس، ووصل إليه الرسول بالصك في ذلك وطلب أن يصله، فقال: لو جئتنا بمال لأسهمناك، وإنما [خطتنا الإمارة] لا الوزارة، وأقلامنا الرماح، وصحائفنا الأجساد. ولم يمتنع عبد الملك مع غطرسة زاوي هذا من إقامة الحد على من وجب عليه من أهله: عدا ابن أخيه على مولى لهم فقتله فأقاده عبد الملك لحينه، وأسلمه أهله السيف فضربت عنقه على قتيله ذلك، بمقبرة كلاع بمشهد عظيم من الناس، وأسلمت جثته إلى أهله. ونبت الأندلس بعد بأخي زيري أبيه فقوض عنها أول المقوضين من صنهاجة بسراح من عبد الملك.

قال ابن حيان: وانبسطت حاشية الخليفة هشام بن عبد الملك طول مدته في جميع أحوالها، فحملهم على مرادهم. وانهمك هشام طول أيامه فلم يظهر وقتاً فيها، ولا شهد صلاة، واحتجب في نزهة الباطنة على رسمه في أيامه أبيه المنصور. وبلغه منها عبد الملك بغيته، وجعل يخرجه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015