حفظاً لصنائع والده وقياماً برسومه، فقررهم على مراتبهم، ولم ينقصهم سوى الفوز بخصوصيته. وكانت ترفع إليه بطائق أهل الشعر ويصلهم على تساهلهم في مديحه لأمانهم من نظره فيها. وأحرز لهم مع الفائدة عفو القريحة، وذلك بين لمن تأمله في أشعار مادحيه لفتورها.

ثم أغرق عبد الملك النزع في دولته، وانهمك في طلب الآلات الملوكية حتى جلب إليه من ذلك كل علق خطير، وتأنق في مراكبه هو وأصحابه بالحلية التامة بخالص اللجين. عهدي به يوم فصوله لغزوته سنة ثمان وتسعين التي احتفل فيها لشانجه بن غرسية، واستكثر فيها من العدة والعدد، فبرز على جواد من مقرباته المنسوبة، بأفخم تلك المراكب المسلسلة، ولبوس درع فضية مطرزة بالذهب، وعلى رأسه خوذة مثمنة الشكل، محددة الرأس، مرصعة الطرق بدر فاخر، واسطته حجر ياقوت أحمر مرتفع القيمة؛ قد لزم وسط الجيش، وطرح الشعاع على سنة وجهه، فما رأى الناس بعده ملكاً يعدله في البهاء والبهجة.

وكانت مما راقت به دولته في الجمال ما تلاحق فيها [52] [من] غلمان أبيه العامريين الناشئين في دولة المنصور، وكان قد وفر عنايته بهم، وجد في تدريبهم، ووقف حذاق المنافقين على تخريجهم، فأثمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015