عنك بالحالة المعتدلة. وأخوك عبد الرحمن قد صيرت إليه في حياتي ما رجوت أني قد خرجت له فيه عن حقه من ميراثي، وأخرجته عن ولاية الثغر لئلا يجد العدو مساغاً بينكما في خلاف وصيتي فيسرع ذلك في نقض أمري، ويجلب الفاقرة على دولتي. وقد كفيتك الحيرة فيه فاكفه الحيف منك. وكذلك سائر أهلك فيما صنعت فيهم بحسب ما قدرت به خلاصي من مال الله الذي في يدي، وخلافتك بعدي أجدى عليهم مما صرفته؛ فلا تضيع أمر جميعهم، وألحظهم بعيني، فإنك أبوهم بعدي، فخرج ذكورهم باستخدامك، وألحف إناثهم جناحك، جبر الله جماعتهم، وأحسن الخلافة عليكم. فإن انقادت لك الأمور بالحضرة فهذا وجه العمل، وسبيل السيرة، وإن اعتاصت عليك فلا تلقين بيدك إلقاء الأمة، ولا تطبيك وأصحابك السلامة فتنسوا ما لكم في نفوس بني أمية وشيعتهم بقطربة. فإن قاومت من توثب عليك منهم فلا تذهل عن الحزم فيهم، وإن خفت الضعف فانتبذ بخاصتك وغلمانك إلى بعض الأطراف التي حصنتها لك. واختبر غدك إن أنكرت يومك. وإياك أن تضع يدك في يد مرواني ما طاوعتك بنانك، فإني أعرف ذنبي إليهم.

قال: وسمعته يقول لغلمانه عند هذه الوصية: تنبهوا لأمركم، واحفظوا نعمة الله عليكم، في طاعة عبد الملك أخيكم ومولاكم، ولا تغرنكم بوارق بني أمية، ومواعيد من يطلب منهم شتاتكم. وقدروا ما في قلوبهم وقلوب شيعتهم بقرطبة من الحقد عليكم، فليس يرأسكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015