أهل القصر الهشامي والعامري؛ وأشاعوا عنه أنه يريد أن يستبد بالأمر، فقام ابن أبي عامر في ركائبه لحسم حدته، وعلم أنه أتي من حاشية القصر. وكان به عدة من الخدم ففرقهم ومزقهم، ولم يدع في خدمة القصر إلا من استشعر له رهبة وهيبة، وأذكى العيون مع ذلك عليهم حتى ملك نفوسهم، ثم نظر في شد الأموال المختزنة فيه مذ عهد الخلفاء، ووصف أن أيدي الحرم تنبسط عليها.
قال ابن حيان: أخبرني ولد الخال من بعض ما كانت تفعله السيدة صبح مع أخيها رائق أنها أخرجت عند تمكن الوحشة بينهما وبين ابن أبي عامر مائة كوز على أعناق الخدم الصقالبة مختومة، قد صيرت أشطارها مالاً عيناً ذهباً وفضة، وموهت على ذلك كله بالمري والشهد وغير ذلك من الأصباغ الرفيعة المتخذة بقصر الخلافة، وكتبت على رؤوس الكيزان أسماء ذلك. ومرت بصاحب المدينة فحسبها كما كتبت عليها. وكان في تلك الكيزان ثمانون ألف دينار. فأحضر ابن أبي عامر جماعة وأعلمهم أن الخليفة مشغول عن حفظها بانهماكه بالعبادة، وأن في تضييعها على المسلمين وعلى الدولة أعظم الآفة. فرأت الدجماعة أن كون الأموال بيد المنصور أسلم، وهو على حفظها أقدر وأقوم. ثم نالته على ذلك بقية علة طاولته فأرجفوا به، فانتقل ابنه عبد