وانهمك ابن أبي عامر في صحبة غالبه؛ ففطن جعفر لتدبير ابن أبي عامر عليه بعد من وهلته، فكاتب غالباً يستصلحه وخطب أسماء بنته لابنه عثمان، فأجابه غالب لذلك. وكادت تتم مصاهرته له. وبلغ ابن أبي عامر فقامت قيامته، وكاتب غالباً يخوفه الخيلة ويهيج منه الحقد. وألقى عليه أهل الدار وكاتبوه فصرفوا غالباً، ورجع إلى محمد بن أبي عامر وأنكح تلك الابنة إلى قصره وجهزها إلى محمد بن أبي عامر من قبله؛ فظهر كل الظهور، واستوثق له التدبير، وصار عنده جعفر لا شيء، إلا أنه غالطه زمنه إلى أن أحكم أسباب صرفه. واستقدم السلطان غالباً وقلده خطة الحجابة مشتركاً كع جعفر. ودخل ابن أبي عامر بأسماء بنته ليلة نيروز العام المؤرخ، وكانت أعظم ليلة عرس بالأندلس. ولجعفر في ذلك رسالة إلى السلطان حسنة في بابها تملق فيها وتصنع، وهو قد أيقن بالنكبة؛ وكف عن اعتراض ابن أبي عامر في شيء من التدبير، وابن أبي عامر يداهنه ولا يكاشفه، وجعفر يشك في أمره، قد استولى عليه الإدبار والحيرة، فلم يصح له رأي ولا روية؛ وانقبض الناس عنه، وانثالوا على ابن أبي عامر، إلى أن صار يغدو [47] إلى قصر قرطبة ويروح وحده وليس في يده من الحجابة سوى اسمها، وابن أبي عامر قائم بشروطها، ينصب الحبائل لسقوط جعفر، والأقدار السماوية تنجده. وكانت لله عند جعفر في إيثاره هشاماً بخلافته، واتباعه شهوة نفسه وحظ دنياه، وتسرعه إلى قتل المغيرة لأول وهلة دون قصاص جريرة استدركته دون إملاء، فسلط عليه من كان قدر أنه يتسلط على الناس باسمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015