ذكر دفاع ابن أبي عامر العدو صدر الدولة وقيامه بالجهاد
دون الجماعة وتوصله بذلك إلى تدبير الملك
قال ابن حيان:وجاشت النصرانية بموت الحكم، وخرجوا على أهل الثغور، فجاء صراخهم إلى باب قرطبة فلم يجدوا عند جعفر غناء ولا نصرة. وكان مما غرب به لجبنه وعظيم أفنه أن أمر أهل قلعة رباح بقطع سد نهرهم آنة لغمقه وسوء دجلته، يلتمس بذلك دفاع العدو عن حوزته؛ لم تتسع حيلته لأكثر من ذلك مع وفور جيش السلطان يومئذ وجموم أمواله، فكانت من سقطات جعفر المأثورة؛ فأنف ابن أبي عامر من تلك الدنية، وأشار على جعفر بتجريد الجيش للجهاد، وخوفه سوء العاقبة في تركه، وأجمع الوزراء على ذلك إلا جماعة خاموا عنه، فبادر ابن أبي عامر إليه ووعد من نفسه الاستقلال به على أن يختار الرجال، ويجهز لغزوته مائة ألف مثقال، فنفر بالجيش ودخل على الثغر الجوفي إلى جليقية، فنازل حصن الحامة من أعمال ردمير، فدخل ربضه وأفشى النكاية وغنم، وقفل ووصل الحضرة بالسبي إلى أثنين وخمسين يوماً، فعظم السرور وخلص الجند له، واستهلكوا في طاعته لما رأوه من كرمه.
حدثني أبي خلف بن حسين قال: تذاكرنا جود ابن أبي عامر [46] يوماً