طويل، فأنسد باب الفهم بقرطبة يومئذ وطمست العبدى العاقبون له رسمه، وأيس ذوو الأحساب منهم، فتفرقوا شذر مذر، ولم يبقى بها منهم من له خطر. وتناصرت خلال المكروه فيما بعد على صاعد بارتجاج الفتنة، غلاء سعر ورخص شعر، حتى أختل وعجز عن ستر ولده وأهله، وبخل هشام على ذلك كله بتسريحه والأذن له بالانطلاق عن الأندلس فرقا من خبث لسانه. فخرج مستخفيا وجاز بشلطيش على يد أبي زيد البكري رئيسها سنة ثلاث وأربعمائة، فأتصل بصاحب صفلية، وفارق البؤس، وراجع النعمة. ثم رجع إلى الأندلس أثر غلبة سليمان والبرابر على قرطبة مستخرجا لمن تخلف بهامن أهله وولده. وتعرض أيضا لمديح سليمان فما أنجح معه ولا أفلح. وقد كان استطرف أول دولته، فرئمه رئمان العلوق ولم يقره قرضا لاستحالته عن فعل الجميل جملة. ثم عجل الانكفاء إلى صقلية، ومات بها رحمه الله سنة عشر وأربعمائة.

قوله: " جعلت له ذراعك كالوشاح " أخذه من قول أسر يزيد بن الصعق:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015