ناحية سقيفة فيها جارية تجذف بمجاذف ذهب لم يرها صاعد، فقال له المنصور: أجدت إلا أنك لم تصف هذه الجارية، فقال:
وأعجب منها غابة في سفينة ... مكللة تصبوا إليها المهايف
إذا راعها موج من الماء تتقي ... بسكانها ما أنذرته العواصف
متى كانت الحسناء ربان مركب ... تصرف في يمنى يديها المجاذف
فلم تر عيني في البلاد حديقة ... تنقلها في الراحتين المناصف
ولا غرو أن شاقت معاليك روضة ... زهتها أزاهير الربى والزخارف
فأنت أمرؤ لو رمت نقل متالع ... ورضوى من ذرتها من سلطانك العواصف
إذ قلت قولا أو بدهت بديهة ... فكلني لها أني لمجدك واصف فأمر له المنصور بألف دينار ومائة ثوب، ما بين غلائل وطيقان وعمائم، وأجرى عليه المراتب من ذلك اليوم ثلاثين دينار، وألحق في ديوان الندماء مع زيادة الله بن مضر الطبني وأبن العريف وأبن التياني وغيرهم. والحسد موروث، وقديم لا حديث، وليس في الحيوان، أخبث في ذاته من الإنسان.