وروى وتحيل بوداد أشقر. ودخل بها على المنصور، فلما رآها أشتد غيظا على صاعد وقال: غدا أمتحنه. فأن فضحه الامتحان. لم يبق في موضع فيه سلطان. فلما أصبح وجه عنه بمجلس حفل. وقد أعد طبقا من سقائف من ضروب النواوير، وصنع على السقائف جواري ياسمين، وتحت السقائف بركة ماء حصاها اللؤلؤ. وكان في البركة حية تسبح. فلما دخل صاعد مثل الطبق بين يديه، فقال له المنصور: إن هذا يوم أما أن تسعد فيه معنا، وإما بالضد عندنا، لأنه قد زعم ق - م أن كل ما تأتي به دعوى، وقد وقعت من ذلك على حقيقة. وهذا طبق ما توهمت أنه مثل بين يدي ملك قبلي في شكله. فصفه بجميع ما فيه. فقال صاعد بديهة:
أبى عامر هل غير جدواك واكف ... وهل غير من عاداك في الأرض خائف
يسوف إليك الدهر كل عجيبة ... وأعجب ما يلقاه عندك واصف
وشائع نور صاغها هامر الحيا ... عليها فمنها عبقر ورفارف
ولما تناهى الحسن فيها تقابلت ... عليها بأنواع الملاهي الوصائف
كمثل الضباء المستكنة كنسا ... تضللها بالياسمين السقائف
وأعجب منها أنهن نواظر ... إلى بركة ضمت إليها الظرائف
حصاها الآلي، سابح في عبابها ... من الرقش مسموم اللعابين زاحف
ترى ما تشاء العين في جنباتها ... من الوحش حتى بينهن السلاحف فاستغربت له يومئذ تلك البديهة، وكتبها المنصور بخطه. وكان إلى