الأوان، وحامل لواء الإحسان، وهو بالأندلس كالجاحظ بل أرفع درجة، وأنفع لمن شام برقه أوشم أرجه، وشلب بيضته، ومنها كانت حركته، ونسب إلى بطليوس لتردده بها، ومولده في تربها، ومن حيث كان فقد طبق الأرض رقعتة ذكر، وسبق أهلها بكل نزعة فكر، وقد أثبت من محاسنه ما يبهر الألباب ويسحر، ويحسده الوسمي المبتكر، فمن ذلك قوله يصف طول ليلة:
ترى ليلنا شابت نواصيه [كبرة] كما شبت أو في الجو روض بهار
كأن الليالي السبع في الأفق جمعت ولا فضل فيما بينها لنهار
وأنشدني لنفسه من جملة أبيات:
خليلي ما للريح أضحى نسيمها يذكرني ما قد مضى ونسيت
أبعد نذير الشيب إذ حل عارضي صبرت بأحدق المها وسبيت
تلاحظني العيان منها بنظرة فأحيا ويقسو قلبها فأموت
فيا قمرا أغرى بي النقص واكتسى كمالا ووافى سعده وشقيت
وأنشدني من أخرى له:
أيا قمرا في وجنتيه نعيم لعيني وفي الأحشاء منه جحيم
إلى كم أقاسي منك روعا وقسوة وصرما وسقما إن ذا لعظيم
وإني لأنهى النفس عنك تجلدا وأزعم أني بالسلو زعيم