أومى به من فيه ثم رمى به فكأنه قمر رمى بشهاب.

ولما أنهضه أمير المسلمين إلى بساطه، وأوضعه في بساط العين وفسطاطه، هب من مرقد خموله، وشب جذوة مأموله، فبدا منه انزواء عن الحظوة، والتواء في تسنم تلك الربوة، وكان له أدب واسع المدى، يانع كالزهر بلله الندى، ومظم مشرق الصفحة، عبق النفحة، إلا أنه قليلا ما كان يحل ربعه، ويذل له طبعه، يدع الألباب حائرة، والقلوب إليه طائرة، فمن ذلك قوله في ليلة سمحت له بفتى يهواه، ونفحت له هبة بددت شمل جواه] :

لله ليل بات في جنحه طوع يدي من مهجتي في يديه

فبته أسهر أنسا به ولم أزل أسهر شوقا إليه [245أ]

عاطيته حمراء مشمولة كأنها تعصر من وجنتيه

وله فيه وقد طرزت غلالة خده، وركب من عارضه سنان على صعدة قده:

إذا كنت تهوى خده وهو روضة به الورد غض والأقاح مفلج

فزد كلفا فيه وفرط صبابة فقد زيد فيه من عذار بنفسج

وكان في زمن عطلته، ووقت اضطراره وقلته، ومقاساته من العيش أنكده، ومن التحرف أجهده، كثيرا ما ينشرح بجزيرة شقر ويستريح، ويستطيب هبوب تلك الريح، ويجول في أجارع واديها، وينتقل من نواديها إلى بواديها، فإنها صحيحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015