وإخوان صدق قد أناخوا بروضة وليس لهم إلا النبات فراش

فخلتهم والنور يسقط فوقهم مصابيح تهوي نحوهن فراش

وأنشدني الأديب أبو عبد الله محمد بن فرج الجياني لنفسه في ما يجانس [هذا المعنى] :

أضحى ابن عبدوس معشق معشر قد خلطوا في حبه تخليطا

فهو السراج وهم فراش حوله يتهافتون على سناه سقوطا

وكان ابن فرج في هذه الملح من أهل البدية، فأما طويل القصيد فقلما رأيته نجح فيه. وكان يوما بقرطبة فمر به غلام وسيم به بعض صفرة، فقال بعض من حضر: إنه لمليح لولا صفرة فيه، فقال ابن فرج:

قالوا به صفرة عابت محاسنه فقلت ما ذاك من عيب به نزولا

عيناه تطلب في آثار من قتلت فلست تلقاه إلا خائفا وجلا

وكان يوما مع لمة من أهل الأدب في مجلس أنس فاحتاج صاحب المنزل إلى دينار، فوجه عنه إلى السوق، فدخل به عليهم غلام من أهل الصرف، في نهاية من الجمال [والظرف] ، ورمى بالدينار إليهم من فيه تماجنا، فقال ابن فرج [في ذلك] :

أبصرت دينارا بكف مهفهف يزهو به من كثرة الإعجاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015