لأن في مداومة الانهلال تعفية الرسوم ومحو الآيات؛ على أنه قد احترس من الاعتراض احتراسا قدمه في صدر البيت وهو قوله: " اسلمي "، فدعا لها بالسلامة على تعاقب الأحوال الموجبة بلى الديار، واندراس الآثار؛ وبيت طرفة أسلم. والذي فتق للشعراء هذا الفن فافتنوا فيه وجاءوا بالاحتراس وغيره امرؤ القيس بقوله:

إذا ركبوا الخيل واستلأموا تحرقت الأرض واليوم قر [231ب]

فقوله: " واليوم قر " تتميم للمعنى ومبالغة في اللفظ، وقال [الآخر] :

إذا الله أسقى دمنتين ببقعة من الأرض سقيا رحمة فسقاهما

وقال أبو الطيب:

صلى الإله عليك غير مودع وسقى ثرى أبويك صوب غمام

ومن هذه المبالغة في التتميم أيضا قول امرىء القيس:

كان عيون الوحش حول خبائنا وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب

فتناوله زهير فقال:

كأن فتلت العهن في كل منزل نزلن به حب الفنا لم يحطم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015