كلامك واسطة هذا الديوان، إلا أني رأيت لك من الامتناع، بتلك الرقاع، ما حدست عليك انك قلت: هذا ابن بسام كما أخرجته الروم من بلاده، وصفرت يده من طارفة وتلاده، وقدم قرطبة بقدم الضرورة، على تلك الصورة، يريد أن يشحذ المدية، في ابواب الكدية، فاتخذ تأليف هذه الشذور القلائد، سببا أن يسي عذارى القصائد، في حجر أربابها، ويسلبها عن أصحابها، حتى إذا قيد لفظها ومعناها، وجليت عنده اتاها؛ وقد أبعدت مرماك، أن كنت ظننت بي ذاك، وكلا أبا حاتم، فإنك لي لعين الظالم، إن نسيتني لهذا العجز، وأني أحق أن أطيل لسيف غيري الهز، وقد شهدت الأشهاد، بتلك البلاد، أن لي بديهة قوية، توفي على الروية، إلا أني أبا حاتم لا أجري في ميدانك، ولا أعد من أقرابك، فسقى الله بلادا أنجبتك وإن كانت حجارية، فإن معانيك عراقية، وألفاظك حجازية؛ ولله مدينة الفرج، فلقد تتحدث منك عن أنموذج بيان، مخلى الطريق للجريان.

فلما وردته الرقعة، زم عن الجواب قلمه، وكلف الإيجاب قدمه، وورد من حينه علي، ونثر مبيضاته بين يدي، [يقيمه الخجل ويقعد، وقد صبغه كما صبغ اللجين العسجد] ، فمما تخيرت منها قوله يستهدي نبيذا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015