26 - فصل: ها أنتم - أيدكم الله - قد أظلتكم الدولة الميمونة، ووافتكم الإمرة المأمونة، ولطالما وردتنا تسير بها الرفاق، فتطلعت إليها النفوس وامتدت الأعناق، وهذه كتائب النصر قد طلعت عليكم بشائر صباحها، واظلتكم قادمة جناحها، وإن من ناصبها فحاول ان يدفع في صدرها، ويقصر من تطاول عنانها عن شانها:
كناطح صخرة يوما ليفلقها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل هيهات! توخى من الفلك ألا يستدير، وابتغى من الشمس ألا تستنبر، واعترض في مطلع الليل يأمل ألا يظل، ونصب راحته تلقاء الفجر يحاول ألا يطل.
27 - وله من كتاب جاوب به العدو: فتخيل حالك وقد أحاطت بك تلك الأجناد المتكاثفة، والأعداد المترادفة، بحر متلاطم موجه، بعيد ساحله، يرتمي من رعاله، وكراديس أبطاله، بموج لجي، قد نثلت عليه مضاعفة الأزباد، فيغشاك منه ما يعيد بحرك وشلا، وعزمك فشلا، ويعيد بأسك خورا، فلا تزال غريق تلك البحار، وحريق تلك النار، ولو صدقت في حال طيرك لأنبأتك أن جدك ناب، وحدك كاب، وأنك عما قريب قد جدلت ففللت، وأسلمت فاصطلمت، وكأني بك في القيد، ووثاق القد، قد خيرت بين اثنين: إما أن تسلم فتسلم، أو تشرك فتهلك، ولم يكن الله عز وجل ليهديك سبيل من تاب وأناب، فيجمع لك بين العيث في أمته، والمنقلب إلى رحمته.
28 - وفي فصل من أخرى: انه تأكد بالحاح العدو على فلانة ما لم