لأحد، ونزل هشام إلى ساباط الجامع المفضي إلى المقصورة في من تألف إليه من ولده ونسائه، فحصل في السابط طارحا نفسه على الجماعة، مستغيثا بهم، وينشدهم الله في مهجته، فأعلم بكره الناس له، فقال: ليت إني قرب البحر فترمون بي في لجته، فتكون أخفى لشماتتي، وأروح لنفسي، فافعلوا بي ما شئتم، واحتفظوني في ولدي وأهلي، وبدالهم من ضعف نفسه وغثاثة قوله وإلقائه بيده ما كان مكتوما عن الناس. وبقي بقية يومه وليلته من الساباط أسيرا ذليلا خائفا، ونسوته حوله مولولات شعثات حاسرات لا يملك لنفسه ولا لهن صرفا ولا نصرا، شاخص البصر إلى حيث تهجم عليه المنية. ولقد حدث يعذ سدنة الجامع أن من أول ما سأل الشيوخ الداخلين إليه أحضار كسرة من خبز يسد بها [142 أ] جوع بنية له، لا ولد سواها، لطيفة المكان من نفسه، قد احتضنها ساترا لها بكمه من قر ليلته، يقول إنها لصباها تشكو من الجوع ذاهلة عما أحاط بها فتزيد في همه. فأبكى من كلمه اعتبارا بعادية الدهر، وأحضر مل طلبه. وبات الوزراء والناس بالجامع ليلتهم غب الحادثة على هشام للفراغ من شأنه، فأجمعوا على تعجيل إخراجه إلى صخرة محمود بن شرف، والثقة بحفظه، فاقتصروا على ذلك، دون