مثل هذه الأخابث، فنكب في ذلك، فنعشه هشام من نكبته، وبعثه على خدمته، فعم أذاة، وكثر صرعاه، وخص بوزير الملك أبي العاصي الحائك، لمشاكلته إياه، ففرى الفري ابتغاء رضاه، فاعترت الأمة شدة مرت لهم أيام علي بن حمود جذعة، فساءت أحوالهم لهذه السياسة المذمومة، والوزارة المسخوطة، وبلغت هشاما فانزعج منها، وأوعد من أفشاها، وأمر بإنشاء كتاب شديد عنه إلى الكافة بما استكره من ذلك، وأغلظ [فيه] وعيدهم بما دل على قصر المدة في ما أتاه، كتبه عنه أبو عامر بن شهيد وزيره، وصاحب خالصته أبي العاصي الحائك، مطولا مستكره اللفظ، عليا المعنى، شديد القسوة، خارجا عن غرض الكتاب، لم يصحبه فيه توفيق، فقام في جمادي الأخيرة سنة إحدى وعشرين أبو عامر على كرسي، وقرأه على الكافة والأعيان، ثم قرئ أيضا بالمسجد الجامع على العامة فصك الأسماع بأصلب من الجندل، وغشي وجوههم بأحر من المرجل، وانصرفوا يتدارسون نوادره.
قال أبو مروان: وكان أبو عامر بن شهيد قد اعتلق يومئذ بدولة هشام المعتد، واختص بوزيره حكم النذل، المرتقي ذروة الوزارة من الحياكة