وينتظر بلوغ وقته، فانكشف لي شانه والقوم أعلم بما يأتونه، وهو القدوة، لا جعلهم الله لنا فئة. وقد حدثت أن هشاما أطعمهم من قمح ولد القاضي ابن ذكوان أيام فر عنه، وأخذ ماله، فقبلوه قبول مال الفيء؛ وهذه الأخبار تكتب للغرائب، والفتنة تنتج العجب، والخلة تدعو إلى السلة.
قال: وقلد هشام وزيره حكم بن القزاز جملة [تلك] الأعمال، وأطلق يده في المال، وناط به الرجال، فجرى مجرى أعاظم الوزراء المستمرين على فتنة الملوك في سالف الأزمنة، فحجر حجرهم على هذا الخليفة هشام في سن الشيخوخة بطبق ومائدة، كانا طباق همته الكاسدة، عكف عليهما راضيا بأدنى المعيشة، وقعد في حجره ينظر بعينه ويسمع بأذنه، يدني من أدناه، ويبعد من أقصاه، وخلاه ومعظم الأمور يدبرها بجهله وخرقه واعتسافه وتهوره، فلم يلبث أن انتقضت به، فأردته وصاحبه سريعا. واحتاج حكم إلى رجال يستعين بهم في تدبيره، فلم يهتد منهم