سليمان بن هود صاحب لاردة، كلها في إطراء الخليفة [المعتد] هشام المهدي للأمة رحمة، ثم توالت بعد كتب الرؤساء مسوقة هذا المساق من غرور أهل قرطبة [فأصغوا من إفكهم إلى ما زادهم خبالا، وأولبقهم ورطة] ونكالا، وكانت تلك الكتب المزورة حظهم من هؤلاء الساخرين بهم، أدوا إليهم هذا المغرور بامارتهم عديما لآلاتها، ثم تركوه في أيديهم وصرموا حبله، ولم يتعدوه فيما بعد بفارس ولا درهم.
وحكى لي بعض أصحاب هذا الخليفة هشام أنه اجتاز على جزيرة شقر من عمل الموالي العامريين بشاطبة وطمع أن يدخلوه فلم يتفق له عندهم شيء، وجعل يجوب الدلو إلى قرطبة، وأول ما أظهر من النوادر أن جلس بنفسه للمظالم، وزاد في قراء الجامع حين بلغه أن ما به غير مكي وصاحبه، وزاد في رزق مشيخة الشورى من مال العين، ففرض لكل واحد خمسة عشر دينارا مشاهرة، فقبلوا ذلك على خبث أصله، وتساهلوا في مأكل لم يستطبه فقيه قبلهم، على اختلاف السلف في قبول جوائز الأمراء الذين سبكوا خبائث الضرائب والمكوس القبيحة، فاستدر القوم مرية هذه الطعمة الخبيثة، وكنت أحسب فقهاء الشورى بعده أنهم يكتمون شأن ذلك الراتب، حتى سمعت أبرهم يلح في طلبه