وكانت عند الأديب ابن أرقم المحتفل في شكرك احتفالي، والمطنب في حمدك إطنابي، بضاعة مزجاة أنفق في جمعها مصاصة أيام العمر، وخلاصة قوافي الشعر، وقطع في اكتسابها ظهري البر والبحر، وصلي بجمرتي القر والحر، حتى إذا وفت بثمن خادم من الوخش، لم ينتظر نماء المال، إلى أن يفي برأس غال، لتوقعه أن ينقضي الزمان، ولم يقض أربا من القيان، ويصير من كبرة السن، إلى حيث لا يقدر على ذلك الفن، فاقتنى بوشقة صبية فيها بلغة لمن كان ذا عزبة، وفضلت له خمسة وعشرون دينارا، عدد نصف سنيه الماضية، وفشا في قوم هجاء ظنوه من شعره رجما بالغيب، وحاشا لأدبه من السفه، واختلقوا أنه ابتاع بما بقي له هجينا، وثورا مرببا، وتبنى بنتا، ثم تلا قوله تعالى: {زين للناس حب الشهوات من النساء} ويشير إلى قينته، {والبنين} ويشير إلى دعيه {والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة} وينظر إلى كفه منهما إلى أقل من مربع أوقية {والخيل المسومة} (آل عمران: 14) ويلحظ إلى مهرة الذي لو بيع بحجر من حجارة القذف لربح البائع وخسر المشتري، وكل هذا منهم