أعلم منه بالشعر فقد أخطأ امرؤ القيس وأخطأت أنا، ومولاي يعلم أن البزاز لا يعرف الثوب معرفة الحائك، لأن [133 ب] البزاز لا يعرف إلا جملته، والحائك يعرف جملته وتفاريقه، لأنه هو الذي أخرجه من الغزلية إلى الثوبية؛ وإنما قرن لمرؤ القيس لذة النساء بلذة الركوب للصيد، وقرن السماحة في شراء الخمر للأضياف بالشجاعة في منازلته الأعداء؛ وأنا لما ذكرت الموت في أول البيت أتبعته بذكر الردى وهو الموت ليجانسه، ولما كان وجه الجريح المهزوم لا يخلو أن يكون عبوسا وعينه من أن تكون باكية قلت: " ووجهك وضاح وثغرك باسم " لأجمع بين الأضداد في المعنى، وإن لم يتسع اللفظ لجمعها، فأعجب سيف الدولة بقوله وبالغ في صلته.
ولما أنشد أبو الطيب سيف الدولة قصيدته التي يقول فيها:
يا أيها المحسن المشكور من جهتي والشكر من قبل الإحسان لا قبلي
أقل أنل أقطع احمل عل سل أعد زد هش تفضل أدن سر صل
وقع سيف الدولة تحت " أقل " أقلناك، وتحت " أنل ": يحمل إليه من الدراهم كذا، وتحت " أقطع ": قد أقطعناك الضيعة الفلانية، ضيعة بباب حلب، وتحت " احمل ": يقاد اليه الفرس الفلانية، وتحت " عل ": قد فعلنا، وتحت " ادن ": ادنيناك، وتحت " سر ": قد سررناك.
قال أبو الفتح: فبلغني أن أبا الطيب قال: انما أردت " سر " من السرية، فأمر له بجارية، وتحت " صل ": قد فعلنا..