ومفارقتها، ويستشعر أنها معارة لتؤدى، مودعة لتقضى، فلا يأسف عند اقتضائها وارتجاعها، ولا يأسى عند بينها ووداعها، ويجاهد الهم إذا اعتلج في صدره، بمضاء عزمه وقوة صبره. وقد أسمى الله من مراقي شغفوك وتقدمك، وأوضح من معالي سجاياك وشيمك، بحيث يقتدى بأثرك، ويهتدى بعملك، وحسبي [128 أ] أن أومئ بما عرضته مذكرا، فتلحظه بنظرك الجلي معتبرا، وتعرض عن نوازع الخطوب كقصرا، وتستأنف مقتبل الزمان الأغر الجديد، والدهر الميمون السعيد، فتشرع لمطالعة الأنس بابا، وتمهد لمواصلته جنابا، وقد تعرض لي إلف كنت أصله وأدنيه، فأنا الآن أهجره وأقصيه، فلقي مني انزواء عنه وانقباضا، وشكا مني جفاء وإعراضا، فتصدى ضارعا ملحفا، في أن أرسله نحوك مستعطفا، فأسعفته وأودعته، ما تحمله وأزعجته، وهو - أنس الله مشاهدتك، وأنضر معاهدتك - زائر ملطف يتقد طبعه ذكاء، ومؤنس يستشف ظرفه صفاء، عطر المذاكرة عبق المفاكهة، يفض ختام الهموم بنفح المناسمة وطيب المفاوضة، وقد زار متوصلا برسالتي، متوسلا بشفاعتي، وصار عن يدي وانتقل عن راحتي، وهو المجفو المهجور حتى تأذن بتقريبه وإيثاره، والعامل المصروف حتى تمن بتوليته وإقراره.
وكتب على لسان المنجم بلاردة، الملقب بالعافية، وقد أصيبت إحدى