وقد نامت عيون، وتغاضت جفون، فأحمدت به السرى، حين نضا الصبح ثوب الدجى، وانحسمت تلك الخطوب عن حياته دون حسامه، كما انصدع عن الصديع ممزق ظلامه، ولقد رمى [فأصابت صوائب سهامه، " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى "] (الانفال: 17) وهكذا يكون الرأي الأصيل، والسعي الجليل، والرعي الجميل، والوفاء الذي قصر عنه قصير، أبقاه الله بقاء هذا الأثر، الذي يبقى بعد فناء البشر.

ومن جواب أبي عبد الرحمن له على هذا الخطاب: وافى كتابك الكريم رائدا في جناب التسلية، ومنيرا من أفق المشاركة والتهنية، وأي أنس لم أجتن منه وكل فصل فيه أنا الشاكر عنه، والأيام - كما قلت - تلون بين الإسادة والاحسان معلوم، وتقلب [122 أ] بالإنسان قديم، تنقص غب ما تبرم، وتعترض على إثر ما تسلم، فالتفويض إلى الله في خطبها أهدى، والرغبة في ثوابه جل وتعالى أحرى، وكان لها بحكمه [إيغال] في جانبي، وإطلال على نوائبي، عبس لها الزمان إلي وكان مبتسما، وتشعب وما زال منتظما، إلا أنه تعالى بلطفه الحفي، وصنعه الحفي، ألهم إلى الصبر، ودل على ما يعود بالأجر، فسايرت الغمرة كما سايرتني، وتجلدت لها كما نالت مني، وأتاح الله خلالها ذخرا كريما انتضى لي حساما من رأيه صقيلا، وبذل دوني مذهبا في سعيه جميلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015