تاحفني يوما عندما طرأت الأشابيل في النهر، وانسربت من البحر، بعدة أسماك منثنية الذوائب متمكنة الحياة، لدنة النقل والحركات، فظلت في مائها تطير سابحة، وتسبح طائرة، وأقبلت تأخذ مرة جائية وأخرى سائرة، وقد تخمنت بالعقيان في جفونها، وتتوجت بالجمان في عرانينها، وتطوثت بالمرجان في عثانينها، وعذرت بالريحان فوق متونها، وشابت قبل الإسنان بطونها، وأربت على النشوان في اضطرابها ولينها، فأعلمت فكري في شذوذ هذه الصفات، وغرابة هذه الآيات، حتى عرفت تعليلها، وفككت تأويلها، فإذا بها قد شربت ماء نداه فلم يعدم حيوانها، ورأت محياه فخصت بالحلية أجفانها، وقبلت بساط مثواه فطوقت بالدر مراشفها.

[فصل] في ذكر الوزير الكاتب أبي جعفر بن جرج والإتيان بقطعة من محاسن نظمه ونثره

قال ابن بسام: وكان أبو جعفر وقته أحد الأعلام، وفرسان الكلام، وحل آخر أيام ملوك الطوائف بأفقنا من الدول، محل الشمس من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015