المعتضد بالله وقلت: {فنعم عقبى الدار} (الرعد: 24) ما ينكر لأهل الجنة السلوك على متن النار، وكنت أسمع أنباءه فأستغرب، وأنزع تلقاءه [121 أ] فأستدني واستقرب، حتى رأيت عيانا، واستوضحت بيانا، فاذا الخبر أزرى بالخبر، [والعيان أربى على الأثر] ، وقلت: بحق سأل الكليم رؤية الرب، وقال ابراهيم {بلى ولكن ليطمئن قلبي} (البقرة: 260] وإني رأيت ملكا لا يصعد الطرف إليه إجلالا، ولا تطيق النفوس عنه انفصالا، قد جمع مهابة العدل، إلى ودادة الفضل، وجلالة المنصب، إلى لطافة الأدب، وركانة القعدد، إلى بشاشة التودد، وبرق الحسام، إلى ودق الأيادي الجسام، إن رمق الأعداء فأجفان نصاله طارفة الشفار، أو وصل الأوداء فأنداد بناته آلفة الأوطار، ضالته الحكمة، وشريعته الحجة، وإن رأى حقيقة أنصف، وإن رمى بحجة أهدف، يصيب بذهنه حدق الغيوب، ويعلم بظنه خائنة الأعين والقلوب:
الأ لمعي الذي يظن لك الظن كأن قد رأى وقد سمعا
وفي فصل [منها] : والمعتضد بالله لا يدع في ذلك تأنيسي بكل تحفة يهديها مع الأحيان، وطرفة يوليها مع كل دقيقة من الزمان، ولقد