لليل فيه سواد يستهام به كأنه في سواد العين والشعر

وللنهار سنا يحكي تبلجه نور البصيرة مقرونا مع البصر

كأنما شمسها تحت الغمام سنا وجه تنفس في مرآته نضر

والطل فيها غداة القطر تحسبه حليا سقى زهر اللبات بالدرر

وصفحة النهر الفضي مبسمه في روضها مثل خيط الفجر في السحر

ثم نفذت لطيتي، وأخذت في وجهتي، وكان لا عهد لي بلقاء المعتضد بالله - تخول الله الدين والدنيا ببقاه، وأدام به على الزمان بهاه - وله من بعد الصيت ورفعه الشان، وفخاخة الذكر وعزة السلطان، ما تهاب النفوس سماعه، كما تألف الجفون اطلاعه، وتجل القلوب [120 ب] مكانه، كما تستلذ العيون عيانه، فأدركني من توهم لقياه، وتخيل سناه، ما يدرك راكب البحر قبل نشر الرياح، وشارب الخمر قبل امتزاج الراح بالراح.

وفي فصل: ثم لقيته من الغد فقابلت من وجهه بدرا تأخذ منه البدور، وقبلت من كفه بحرا تغرف منه البحور، ولا غرو أن تغترف من بحر بحار، وتستمد من نور أنوار، فإن مادة البحور، من البحر المسجور، وعلة الأنوار، شمس النهار، وشاهدت منه منظرا استمال عيني حتى عقد به أطرافها، ومخبرا استهوى نفسي حتى كره إلي انصرافها، وظل ينفث من نبله سحرا أضبطه بذهني، وينثر من لفظه درا ألقطه بأذني، حتى صارت لي الثريا قرطا، والمجرة مرطا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015