سقفا من فضة ومعارج إلى الجنة قد قرط سمكها بالذهب الأحمر، والفلز الأخضر، وبلط سطحها بماء الجوهر، وكافور المرمر، فكأن قبابها [قد] عقدت بالجفون الدعج، والحواجب البلج، وكأن درجات منبرها تكاسير الشعور، مالت على متون الحور، أو مناطق الأعكان، ضمت على الخصور اللدان، ألف من عاج كالمباسم، نقش نقش الدراهم، وأبنوس كالغدائر، طبع الدنانير، وصندل كأطراف البنان، كتبت بهدب الأجفان؛ ثم اعتمدنا إلى المحراب، فكل خر راكعا وأناب، وجيء بمصحف عثمان ذي النورين، يحمل على المفرق واليدين، فلما خلعت مطارفه، وفتحت صحائفه، اذا بمدرج من فردوس الجنات أنبت نباتا أخضر، وطرز كخدود الولدان كما أطلعت الشعر، وكأنما خطت بمجارس النحل، ونضدت من روادف النمل، فاستمد مدادها من قلوب الكافرين، وخلق خلوقها من عيون الشهداء والصديقين، فلذلك لم يحتج بيانه إلى ضبط ونقط، ولا افتقر قرآنه إلى أكثر من ورق وخط، جرى فيه كاتبه على سجية لسانه فأمن اللحن، وأخذ بسنة أهل زمانه فترك العجم والشكل، وأمر بقول رب العالمين {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (الحجر: 9) فألصقته بكدي ليبرد ذلك الأوار، وأمرغت فيه خدي عسى ألا تمسه النار، ولمحت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015