مراتب الوزراء المتقدمين، ومناصب الفضلاء السابقين، فلما أديت الرسالة جعلت أسلك في منازة المدينة، وأنظر من تلك المشابه المبينة، فاذا برسومها قائمة الأعلام، ورموزها مفهومة الكلام، ونصبها ماثلة الشكل والقيام، إلا أنها كرداح مستها زمانه، وربحلة أدركتها من السن مهانة، لم يبق فيها إلا رسوم من الحسن كانتشاء الطرف، وإن مالت أجفان، وخطوط من الجمال كاعتدال الأنف، وإن سقطت أسنان، لكنها لم تفارق عطرها، وإن كانت بعد عروس، ولا تركت بزها وإن لم تطمع بمسيس، ولا دنست ثيابها، وإن كانت أسمالا، ولا عقت شبابها، وإن تجاوزت اكتهالا، فوقع بين قلبي ورونقها سفاح، لم يصدقه نكاح، وأمتع شمسي بمعتقها لصوق، لم يلحقه رفث ولا فسوق، ووقفت بالقصر المرواني، وطفت على المصنع القحطاني، وانتبذت إلى المنزه العبدي الرحماني، فاذا الثلاث الأثافي والديار البلاقع، فأخذت بالسنة في ديار ثمود، أسكب الدموع وأمجد المعبود، فقال قريبنا: هنا كانت قصورهم، وهنالك هي قبورهم، قد صارت مفاصلهم ترابا، ومساكنهم يبابا، وقد عادوا يسكنون القبور، وكانوا يستهجنون القصور، وظلوا يعتنقون الجلمود، وكانوا يسترهفون النهود، وصاروا يلزمون