ونماء أخلافه، كرامة للأدب، وسعادة للعقب، فما للإنسان يكون هلوعا، إذا مسه الخير منوعا، واذا مسه الشر جزوعا وإن كان المنصور مات فقيدا، فقد عاش حميدا، أو أمسى ملحودا، فطالما أصبح معمودا، لبث في أهله سنينا، وأقام في سلطانه مكينا، بين شفاء نفس، واستيفاء أنس، [119أ] وتوطيد دولة، وإقامة سنة، وحماية أمة، حتى كمل جده، وأتاه بالموت وعده، فذوى دوحه وقد أثمر غرسك، وأفل بدره وقد بزغت شمسك، فقال المجد: هذا ربي هذا أكبر، وصاح الملك: هذا ردئي، هذا أكثر، فهل هذه - أيدك الله - نعمة صغرى، أم هي قسمة ضيزى، وهل طفئ سراج ناب عنه صباح، أو خفي منهاج دل عليه مصباح، أو هلك هالك، عقبه مالك.

وفي فصل: ثم توجهت تلقاء مدين الأصعد، وموطن السؤدد، حضرة المعتضد بالله، وكان طريقي إليها على قرطبة، وكثيرا ما كنت اقترح بإتيانها، وإن كانت على هرم، وأتمنى وقفة فيها ولو على قدم، وأرغب زيارتها ولو اماما، وأود رؤيتها ولو مناما، لألمح دار الخلافة، وأرى بيت الرياسة، فخرج إلي أبو الحسن بن يحيى الوزير الجوهري، فأراني بحسن سمته وكلامه، ورجاحة عقله وتمامه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015