ورأيت ملكا تقرأ النفاسة بين عينيه، وتبصر الرياسة طلوع يديه، حلي السيف باسمه فرقت مضاربه، وتوج الملك مفرقه فعزت جوانبه، جواد يندى في كفه الجماد، وتقدح بنبله الزناد، ويقتبس من وجهه الكوكب الوقاد، وعلى أعراقها تجري الجياد؛ كيف يعجب للسيف أن يقطع، ومن حديد الهند طبع، وللبدر أن يشرق، ومن نور الشمس استرق، وللبحر أن يزخر، وعن الريح المرسلة أخبر.
وفي فصل: فلما كمل المراد، ووقفت حيث وقف الاجتهاد، كتبت إلى ذي الوزارتين الكاتب أبي محمد بن عبد البر أستريح إليه بأنبائي، وأصف ارتجاج الجو من برحائي، رقعة أقول فيها: سيدي وسندي، وسهمة يدي، ونعمة أبدي، ومن أبقاه الله معافى من النوب، موقى من وعثاء السفر وسوء المنقلب، كم لله من منن جزيلة، وأياد جميلة، وعوارف وكيدة، وعواطف حميدة، وإن أولى نعمة بالشكر، وأحجى قسمة بالذكر، نعمة صرفت بأساء، ومسرة دفعت غماء، وإني كتبت بعد حال متى حوسبت بها فهي النوتة الأولى، أو جوزيت عليها فلي النجاة الطولى، لأن الله أكرم من أن يميت أكثر من ميتتين، أو يعذب أحدا عذابي مرتين، مع ما منيت به من تطاول الأسفار، ومقاساة الضرار، ولو أن هذا يكون مع صدق وأمل، ونجح وعمل، لبرد غليلا، وكان تعليلا، فكيف وما هو إلا رجاء سراب، ووجدان حساب.
وإني فصلت من ألش والشمس مجلوة الناظر، والجو كمقلة الساهر، فما