ولا قنعت بابهام السر حتى يكون جهازا، فعوضني من وقود الراح ببرد الرياح، ومن دبيب العقار بسكوب الأمطار، ومن هدير الكيزان بنعيب الغربان، ومن أنس الخيمات بوحش الفلاة، حتى أتيت حضرة الرئيس الأجل فألفيته غائبا، فكتبت إلى الوزير أبي عثمان رقعة أقول فيها: إذا كانت بأساء إثر نعماء، ومست ضراء بعد سراء، وافقت كاهلا لدنا فأثقلته، وخاطرا رطبا فأوحلته، وإني فصلت عن تلك الحضرة بعد أيام الشباب، وليال كذوائب الكعاب، سكنا منها في السواد من القلوب، وسلكنا بين المخانق والجيوب، أنقل من يد إلى يد، وأحمل بين جفن وخلد، إن ظمئت سقيت برد السرور على الأكباد، أو طربت أطمعت حلاوة الوداد في الاخلاد؛ ولله يوم " التاج " و " الزاهر "، عند الملك الماجد الباهر، فيا له من أنس وطيب، بين الخورنق والكثيب، في مجلس كأنما ألفت قواريره من خدود وثغور، وثماره من نهود ونحور، صعدنا فيه إلى العلياء، وصرنا كأننا من أهل السماء، نشرب النجوم بالأقداح، ونحيي الجسوم بالأرواح، فبتنا فاكهين فرحين، نزمر بالكؤوس، ونرقص بالرءوس، ونثاقف الاخوان، ونواقف الندمان، مواقفه الكرام، بشرب المدام، لا بحد الحسام، نسقي ود الصديق للصديق، ونطلب الصبوح بثار الغبوق، حتى أخجلنا الشمس بضياء الراح، وقمنا نقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015