كل إلى وطنه، فعادت حال ابني هود كالذي كانت من التفرق.

ورد كتاب يوسف على ابن جهور بقرطبة من إنشاء أبي عمر، يقول فيه بعد الصدر: وبعد، باعدتك الأسواء، فإن حوادث الدهر وصروفه آيات للنبصرين، وفي أحوال ذوي الشرة والفسوق عبرة للمعتبرين، واذا تصفحت منها القريب والبعيد، والمنقضي والجديد، لم أجد في جميعها حالا توازي حال الحب الخبيث، والغدور النكوث، علم دهره فجورا وخترا، ونسيج وحده نفاقا وعذرا، القاطع مني بلؤم أفعاله وشيمه، أسباب قرباه ورحمه، والمتقدم بذميم بغيه وتعديه، إلى صميم أسرته وأدانيه، وهذه صفة لا يخفى مكان الموصوف بها وأنه صاحب سرقسطة - قارضه الله هو أهله، وأبعد مثله وأين لا أين مثله -! -. وقد كانت الأيام أبدت منه أفاعيل مستنشقة شرق ذكرها وغرب، كما [115 أ] أبدع وأغرب، وكادت تكون سمرا للسامرين، وقصصا تتلى في الغابرين، وحاول أمورا مستفظعة مقته فيها الرشيد والغوي، وتبرأ منه الداني والقصي، لم تفده إلا الخزي الذي لا يزال ناظرا من بقائه، ولم تكسه إلا العار الذي لا يراه مباينا باحتفائه، وأبى على ذلك إلا تماديا فيها وإلحافا، وأبت الأقدار غليه إلا إعراضا وإخلافا، فكلما مد بالبغي يدا، أوهن الله بطشها وأيدها، وكلما نصب للمكر جباله هون ختلها وكيدها، فضلا من الله ونعمة، وكفاية لمن توكل عليه وعصمة، وجزاء للباغي بمكره، وقرضا للمتصدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015