بغدره، والله لا يهدي كيد الخائنين، ولا يصلح عمل المفسدين.

وكنت قد أبرمت معه بعد ذلك الهنات التي جرت، والشدائد التي انقضت عقدة السلم، فاعتزم صاحب برشلونة على حربه، واستنهضني للدخول في حزبه، ففلت بعد جهد مني حد غربه، واستمرت الحال على أعدل مناهجها، ولم يتعذر مني قط عليه بغية، ولا أبطأت معونة، ولم يزل يقسم لي بإيمانه التي تضج إلى الله من فجوره فيها مشافهة ومكاتبة، بعدها أقسم من قبل به وأشهد أعلام المسلمين عليها، بأنه لا يضمر لي بقية الأيام غائلة، ولا يدخل علي داخلة، وطالت مصانعته لي بزبرج من نفاقه وخداعه، يرف على بهرج من أخلاقه وطباعه، وأنا على ذلك عالم بدخائله وسرائره، مستعيذ بالله من الانطواء على ضمائره، فلما أراد الله أن يفضحه الفضيحة العظمى، ويقنعه بالخزية الكبرى، تقدمت بيننا مقدمات اقتضت لنا الاجتماع، فحركني إلى طرف عمله، وقد كنت آنست منه شرا بنى عليه مع بعض علوج البشاكنة في الفتك بي، فأوصيت إليه ألا يحضرنا أحد منهم، فقلق قلقا صرح به، وأقام مترددا بالثغر يزمع تلك البغية، إلى أن التقينا، وكنت قد استشعرت من سوء الظن بمن هو كصرف الدهر لا أمان منه ولا أغترار به، فأوصيت إلى أصحابي باحتضار سيوفهم، واطراح ما عداها من سلاحهم، ولبست أنا [أيضا] تحت ثيابي درعا حصينة، والتقينا، ثم تجارينا في فنون القول، فإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015