فيما سنت لك عوائد الأيام، من الانتباذ عن الطوائف اللئام، الذين ألبسهم ملابس الملام، وحليتهم بحلى المذام، حتى لشغلت بوصفهم الأفكار، فأوجبت الاستعاذة والاعتبار، وأتيت بأغرب الشنع، في ما أوردت من تلك اللمع، وسردت القول الرفيع سردا، فكأنما نظمت به في جيد الدهر عقدا.

وإنك - أعزك الله - لما نمي إليك ما تحملته الركائب، وأثنت به الحقائب، وغمر المسامع، وعمر المشاهد والمجامع، وامتلأت منه الآفاق، ووقع عليه الإصفاق، من محاسن المأمون ذي المجدين التي هي كالنجوم اعتلاء، الصباح انجلاء، والروض بهاء، وأنك شمت من كرم شيمته برق النجاح، وأملت أن تضرب في خدمته بمعلى القداح، أحببت أن ترمي إليه بعزمتك، وتقذف نحوه بهمتك، فتجلو ناظرك، وترهف خاطرك، بمجاورة بحر المنن، وفخر الزمن، وزعيم الأنام، وكريم الأخوال والأعمام، وبديع الأوصاف، وموطأ الأكناف، وأحلم من فرخ الطائر، وأمضى من الحسام الباتر، ومن سجيته الفضل، وسيرته العدل، وقوله الفصل، وحباؤه الجزل، تلوح على وجهه تباشيره، وتتملى الإمامة أساريره، ملاه الله أطول الأعمار، كما حاز له أعظم الفخار، فأرجو أن قد أصبت ثمرة الغراب، وارتدت أزهر الجناب، واجتنيت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015