فكيف لي أن أعدل عمن إلي أقبل، وأصدف عمن بي كلف - فعارضتني أشد المعارضة، وناقضتني أبلغ المناقضة، هيهات! لا يبلغ الخصم بالقضم، ولا ينتهي منال الكف إلى مباراة النجم، فاسلك النهج القويم، فمنك من أعتبك، وأخوك من صدقك، فوجدتني بين حالي اضطرار، ليس فيهما لمختار، فإما أن أعتمد المخاطبة، وألتزم المكاتبة، على علاتي، ونبو شباتي، بطبع كليل، وذهن غير صقيل، وإما أن أرفض المراجعة رفض المليم، فأكون عين الجافي الذميم؛ فأنفذت كتابي مبتغيا وجه موافقتك وإرضائك، ومتوخيا مضمون تغمدك وإغضائك، وأنك إن ألفيت حسنا تناهيت في نشره، أو عاينت قبيحا طويته على عره، وبودي أن معتمدي لا يسلط عليه حقيقة نقده، ولا يصرف إليه مرهف حده، وأن يلمحه بأقل لمح، ويسمح فيه أفضل سمح.

وأما ما ارجع إليه وينطق لساني به من الإشادة بالشكر، الذي أبغيه سمة في وجه الدهر، والكناية عن العهد الذي هو أثبت من ثبير، وأطيب من الماء النمير، فلو أمكنني أن أوصله إليك على متون الرياح لأوصلت، ولو أتيح لي أن أمثله لك حتى تراه لمثلث، وقد استوفيت ما جال به بيانك الذي عذب منهله ومشربه، وشف جوهره ورف ذهبه، [113 أ] واصفا وصف المستكمل، وموضحا إيضاح المحتفل، وفهمت ما نصصته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015