ومآخذ أهل الفضل والاحتساء، وقد كان أدهشني ما اخترعت، وعمر فكري ما شرعت، فناديت نفسي وقد استشرفت أؤنبها، ونازعتها وقد شرقت أؤدبها: حذار من زلة القدم، ومأثور الكلم، يا نفس قفي عند مقدارك، وكفي من غلوائك، واعلمي منتهى خطوك، ومدى شأوك، فقد رمت بغداد بأفلاذ كبدها إلينا، وأطلعت نسيج وحده علينا، فأنى لك بمعارضته وقد باهى به على أبنائه الزمن، وخرست في أوصافه وخلاله الألسن، فلا تتمرسي لهذا الألمعي، النقاب، داهية الغبر، وعلم البشر، فما أبعد ما بين العلو والخفض، والسماء والأرض، وأين النور من الظلمة، والإفصاح من العجمة، ورقة الطبع من جفائه، وكدر الجو من صفائه، وكيف مجاراة الكودن للعتيق، ومقارنة التشبيه بالتحقيق -! وكيف نجاريهم، وإنما نحكيهم، وهل نحن - أهل هذه الجزيرة النائية عن خيار الأمم، المجاورة لجماهير العجم - إلا أجدر البرية باللكن، وأولاها بعدم الفطن، وأخلقها بالخرس، وأحقها بغلط الحس -! فلم يقرع سمع ابن من أبناء خاصتنا عند ميلاده، ولا خامر طبع الرضيع منهم في مهده، إلا كلام أمة وكعاء، أعجمية خرقاء، ولا