ركبت جوادا من العزم قلما امتطاه راكب إلا فاز بمبتغاه، وشكر دأب سيره وسراه، ونثلت درعا سابغة من الحزم لم يندم على ادراعها لابس، ولا استثقل حملها من الرجال أخو نجدة ممارس، فكت عني حلق الخدع من الأعداء والمكايد، وحلت دوني عقد الحبائل منهم والمراصد، فخلصت من دواعي احتفالهم خلوص الخمر من نسج الفدام، والشمس من تحت الغمام، ولم أزل أقطع المفاوز مسجورة، وأجزع الطرق مشحونة باللصوص والدعار، أخفي نفسي إخفاء القنفذ رأسه، واكتم حسي كتمان الغراب سفاده.

وفي فصل: وأكبرت أن أفارق بلد الأندلس وقد أظهر الله فيه إحدى آياته، الدالة على عظم معجزاته، الناطقة بصحة براهينه وبيناته، بسيدنا المأمون بن ذي النون - أطال الله بقاء سلطانه، وقوى دعائم ملكه وأركانه - الذي أيده الله بعناية بسطت قدرته، وأعلت كلمته، فأضرمت شهاب هيبته فملأت القلوب رعبا، وأذكت بوارق سطوته فاختطفت النفوس شرقا وغربا، ومدت بحار سحائبه [112 أ] فاستملك الرقاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015