دفع منهم بعد إلى خدمة الخلافة العلية، وجاور الألسنة العضبة، وشافه النفوس الرطبة، وداخل الأمزجة العذبة، وارتقى إلى سماء تلك العزة، فعذره مقبول، وأمره على الاجتهاد الأصيل والاعتقاد النبيل محمول، وما الأقلام وإن مدحت، ولا الأقوال وإن جمحت، ولا الأوصاف وإن سمحت، بمعبرات عما عنده من حسن الصاغية، وخلوص الناحية، والممالأة الصافية، والمناصحة الزاكية، والخدمة الوافية؛ وإن بعد مثواه فلم يبعد من كانت الضمائر وسائله، والرياح رسائله، ولا تكتم النيرات عن حدقه، ولا تنحرف أفلاكها عن أفقه، ولا تتجافى [في] مسالكها عن طريقه.

وله من أخرى في مثله: وإن مولى الحضرة العلية لما حمل من تأميلها ما أضاء جوانحه، وارتسم من خدمتها ما أراه سوانحه، فتعرف اليمين باكره ورائحه، وتبين السعد معانقه ومصافحه، تفيأ برود ظلالها، ليدرع برود تشريفها وإيفضالها، ولرتضع حلمات جنابها، ليستدر أخلاف طلابها، واستأمر بخطابها، ليحظى بسني جوابها [109 أ] ، ووجه من صفوة نظرائه أبا مروان بن نجية، معلما باستئماره، مستظهرا باشعاره، بعد أن صفت نطف سرائره، وتبلجت أزاهر ضمائره، وثريت أرض صلغيته، ونديت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015