والأنحاء السادة، أعظمنا خميسا، وأكرمنا رئيسا، وأحملنا مجالس، وأنجدنا فوارس. وهذا المتسور على نقد الكلام معذور لأنه لم يقرأ قط هذا المعنى، ولا سمع بهذا المغزى.

ورد قولنا: " وما النفوس وحاملوها، ولا الدنيا وأهلوها، [ولا الأرض وعامروها، بكفاء لبعض واجبات الحضرة] " [فضرب على الفقرة التي هي " ولا الدنيا وأهلوها "] وقال: هو بمعنى قوله: " ولا الأرض وعامروها " فلا يجوز تكراره.

الجواب: حوى في هذا التسور ضروبا من الغباوة، واجتنى صنوفا من الخزاية، منها جعل الدنيا هي الأرض، والأرض هي الدنيا، على تحليه بعلم المنطق الذي لو علمه لم ننفس عليه علمه، ولم نغبطه حمله، ولم [يعلم] أنه يقال: الدنيا محيطة بالأرض، وليست الارض محيطة بالدنيا، والدنيا جنس، والأرض تحتها نوع؛ وفي الحديث الصحيح: " سماء الدنيا " وفي الدنيا الخلق الروحاني ممن ليس في الأرض؛ ومنها: أنه لم يعلم أن من رسم العرب وفصاحتها تكرير المعنى إذا اختلفت الألفاظ، قال تعالى {وغرابيب سود} (فاطر: 27) وقال {فسجد الملائكة كلهم أجمعين} (الحجر: 30، ص: 73) [ومشبهه في كلام العرب كثير] ولا فرق بين من لم يعلم هذا والعدم {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} (الحج: 46) .

ورد قولنا. " ولا أظلم أفق كان شمسه "، أنكر " أظلم " ورده " دجا ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015