في الأمل، وربما صحت الأجسام بالعلل فكم من امرئ نشر من كفنه، أخر أوتي من مأمنه، من نعم الله على البد أن يقاتل عنه من ناواه بحسامه، ويناضل دونه من عاداه بسهامه، [حتى يكون قتيل سهم رماه بيده، ومصاب أمر أجراه على معتقده] ، والسعيد من نام والأقدار تحرسه، وأقام والأيام تخدمه، واتكل والله يكفله، فحق له ألايجزع إذا دهى خطب، فإن الرج معه، وإلا يهلع إن عدا كرب، فإن الله قد رآه وسمعه، ولا سيما إن قصد بظلم واعتمد ببغي، ففي التنزيل: (ثم بغي عليه لينصرنه الله) (الحج: 60) .

[وفي فصل منها] : ولما دعاه إلى السلم، وناداه باسم الصلح الاثم، غره بأيمانه، واستدناه من مكانه، فقبض عليه، وخاس بما ألقاه من العهد إليه، ثم أراد أن يتبع الإساءة ضعفا، والإبالة ضغثا، باعتزامه الغدر بأخيه الأقرب، ومحل أبيه الحدب، فصرف الله كيده في نحره، وأذاقه وبال أمره، ووضح ما كان من سره وضوح النهار، وتطلعت بنات صدره تعلو على الأستار، وهو لا يشعر أنه شعر به، ولا بأنه قد أبه له، بل خال عمايته نهار الأديب فانكشف سره، وظن غباوته غفلة الرقيب فانهتك ستره، وكان قد فكر وقدر، {فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر} (المدثر: 19 - 20) وليته قبل تدبيره لو نقح ما دبر، وحين حفره لو وسع إذ حفر، وسمع قول القائل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015