سجعها قريض، ومراسلها الغريض، فقد ماد بشجوها العود، وفقيدها لا يعود، تندب شوقا هديلا فات، وأتيح له بعض الآفات، وليس الأشواق، لذوات الأطواق، ولا عند الساجعة، عبرة متراجعة، إنما رأت الشرطين قبل البطين، والرشاء، قبل العشاء، فحكت صوت الماء في الخرير، ورنت براء دائمة التكرير، فقال جاهل: فقدت حميما، وثكلت ولدا قديما، وهيهات يا باكية، أصبحت فصدحت، وأمسيت فتناسيت، لا همام لا همام، ما رأيت أعجب من هاتف الحمام، سلم فناح، وصمت وهو مكسور الجناح.
ومن أخرى له: ما حمامة ذات طوق، يضرب بها المثل في الشوق، كانت في وكر مصون، بين الشجر والغصون [94 ب] ، تألف من أبناء جنسها ريدا، يتراسلان تغريدا، مسكنها نعمان الأراك، تأمن به غوائل الأشراك، وتمر في بكرتها بالبيت الحرام، لا تفرق لمكان صائد ولا رام، صادها وليد في حل، ما حفظ لها من إل، فأودعها سجنا للطير، ومنعها من كل مير، فاذا رأت بواكر الحمام، تمارس جرع الحمام، تسأل بطرفها أخاها، ما فعل بعدها فرخاها