ودخل إدريس بن اليماني على الموقف أبي الجيش فانشده:

ولرب ليل قد طرقت وهمتي أسري بها إذ ليس يسري كوكب

في معشر شحم الأنوف كأنهم سيدان رمل أو أسود درب

لبسوا دياجير الدجى إذ أسأدوا وتقنعوا بسنا الضحى إذ أوبوا

وسروا فمغرب كل أرض مشرق لهم ومشرق كل أرض مغرب

والفجر ملوي النقاب مبرقع والليل مسدول الرواق مطنب

وكأن باهرة الكواكب معشر قام الهلال بهم خطيبا يخطب

وكأن نور الصبح راية فارس حمراء يتبعها خميس أشهب

وكأن قرن الشمس وجه مجاهد لما أنار سناه كادت تغرب

وهو في كل ذلك يعبث في قليل شعر عارضته، استثقالا للعارفة، ونجلا بالجائزة، فلما أملقه الأمر، وأعوزه الصبر غمز حاجبه، فاختطف القرطاس من يده، وقال وقد سد خياشيمه: إن رائحة الشبين على شعرك، تعرضا له بيابسة، جزيرة في البحر كان منها، أكثر ثمرها الشبين، فخجل لمقامه، وتعثر في ذيل كلامه، فلما وثبت إليه نفسه، وراجعه حسه قال: أيها الأمير إن كنت أسأت في مدحك، فأحسن في منحك، أو قصرت في وصفك، فأطل في عرفك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015