بالإدلال، وأتخطى تلك الرتب إلى الاسترسال، ليتم ما بيننا في الابتداء، ما لم يتم لغيرنا في الانتهاء.
وقد علمت ما دخل الشرق من الاختلال، واضطرب الأحول، وأن الحزم داع إلى التحول عنه والانتقال، وقد تأملت أي الجهات أنجى وأعضد، وعلى أي الملوك أعول وأعتمد، فلم تطب إلا على تلك الحضرة الرفيعة نفسي، إذ كان يجمع الدولتين نظام، ويضم الحالتين التئام، وكان المنتقل بينها إنما يتقلب في ظلال، ويتحول من يمين إلى شمال.
وله من أخرى بعد انتقاله: كتابي من قرطبة، وقد وردتها بحمد الله على رحب وسعة، وأخلدت منها سكون ودعة، وذهبت بحمد الله تلك الحيرة، وانجلت تلك الغمرة، واستقال الجد من عثاره، ولاح قمر السعد بعد سراره، وأعاذ الله من تلك الأحوال العائدة بمساءة الأولياء، الجالبة لشماتة الأعداء، لجمعها بين القلة والذلة، وخطة الخسف والعطلة، وأغنى حل جلاله عن تلك الدولة التي حملتنا على حال خمول، وصرفتنا على غير جميل، حصلت بالحضرة التي لا ينفق فيها بالمخارق، ولا تعطى الكوادن فيها حظوظ السوابق، وهذا هو المعهود منه تعالى في أن يديل من الضراء بالسراء، وينقل من الشدة إلى الرخاء، ومن اعتقد الخير غير دائم، ولم يحسب الشر ضربة لازم، فقد أراح نفسه من تعب الساخط على القضاء، والقانط من الفرج عند الانتهاء.