على نفسك النفيسة فهي تتصوره وتتخيله، ثم تصوره ببالك وتمثله. ووصل كتابك مشتملا من لطيف صلتك، وصافي برك وتكرمتك، على ما أشعر النفس اعتزازا، وكسا الأعطاف اهتزازا، وتلا ذلك من ودادك واعتدادك، وجميل مذهبك واعتقادك، ما استغرق المنى، وزاد على الأمل فأوفى.
ومن أخرى: لم أزل مذ سمعت سور فضلك تتلى، ومحاسن شمائلك تجلى، وجميل فضلك يعاد ويبدا، وغريب مجدك يكرر وينشا، أهم بمكاتبتك، وأتشوق إلى مخاطبتك، وأتمنى أن لو فتح الله للصلة بابا، ومكن من الخلة أسبابا، وعوارض الاستحياء، تحول بيني وبين الابتداء، حتى جدد لي فلان من أوصافك ما لسان الزمان به أنطلق، وشواهد الفصل عليه أصدق، فلم أتمالك أن حللت عرى الانقباض عني، وتراميت إلى مفاتحتك بنفسي، وها أنا ذا قد أتيت إلى مودتك خاطبا، وفي صلتك راغبا، على ثقة بأنك - بما يجمعنا من التشاكل والتناسب، في جميع الأمور والمذاهب - تراني كفؤا لمل خطبت، وأهلا لما لرغبت. ولا غرو أن أقول بهذا استنهاضك إلى مشاركتي في الخطب [78أ] الأخطر، والمهم الأكبر، دون أن أصل للاخاء حبالا، وأتدرج في تهذيب الصفاء حالا، حتى يتمكن الارتباط، ويتمهد الاغتباط، ويحسن السؤال والانبساط، ففضلك يقتضي أن ابتدئ