الشئس، ولا أقوم كالذي يتخبطه الشيطان من المس، بل أنام ملء جفوني نوم مسرور، وأنتبه إذا انتبهت غير مذعور، فلتبعد بعدها الخمر، ما بقى الدهر، فقد طلقتها ثلاثا، وتركت الأسباب بيني وبينها رثاثا، ولله الحمد على أن خلص من حبائلها، ونجى من غوائلها، وسلى من حيث كان يتوقع الكرب، ولقى المحبوب من حيث كان يخشى المكروه والخطب. وأنتم سادتي أخلاء النبيذ، برئت منكم كما برئ المسيح من اليهود، فهنيئا لكم تنفس أنفاسها، وتعاطي أكواسها، فلست أزاحمكم عليها بمنكب، ولا أوافقكم فيها على مذهب، فاطلبوا لحثها الألحان، واخلعوا فيها العذر والأرسان، وتعروا من ثياب الوقار، واركبوا رءوسكم في هتك الأستار، وموتوا سكرا، ولا تعصوا لشاربها أمرا، واتخذوا الحسن في دينها نبيا، واعتقدوه إماما مرضيا، وقولوا عيش الخلاعة عيش رقيق، ولذة النفوس صبوح وغبوق، فليس لقولكم رد، ولا في غير رأيكم رشد، ولا أقصى الله إلا من تعسف، ولا أبعد إلا من لام وعنف.

وكأني بكم -[أبقاكم الله]- إذا قرأتم أحرفي هذه تستذكرون عليها عهدي، وتشربون منها كاسا في ودي، وتقولون: سنفث في العقد، ونصرفه عن ذلك المعتقد، فلا تعتقدوا ذلك ولا تتوهموا أن تكيدوني بكيد، ولو تأيدتم عليه بأشد أيد، فقد استدفعت برب الناس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015