عنه أدواتي، بحيث يتقدم الجهل على النبل، ويستطيل ما شاء على الفضل، وتنال الرتب بالمخارق، وتعطى الكوادن حظوظ السوابق، ولم أزل أصبر من ذلك كله على يشيب رأس الوليد، ويذيب الحديد، ويهد الرواسي هدا، ويحدث للجماد غيظا ووجدا، لئلا يقال مضطرب يقلق، وعجول لا يتأتى ولا يرفق، حتى آلت الحال إلى هذا المآل، وبلغ الكتاب أجله في الانفصال، فاعجب يا سيدي مما يدفع الإنسان إليه من شقاء يقاسيه، وعناء يعانيه، ومحن يغشاها [74 أ] ألوانا، ونوب تفترق عليه أقرانا، ومغايظ تطرف الناظر بقذاها، ويعرض في مجاري الأنفاس شجاها، وتقطع النفس أنفسا، وتحيل العيش أبؤسا، ويأبى الروح مع ذلك لشقاوته إلا أن يكون حافظا لحياته، حتى يتعذب بكل ما عددته، ويتألم من جميع ما سردته؛ فليت شعري: لم هذا - وعلام الرغبة في الازدياد، وهذا الحرص على التماد - ولو أن الأيام كلها في نعيم محتفل، وسرور متصل، لما كان ذلك إلا بمنزلة ظل زائل، ولم يحل منه بطائل، إن هذا لطموس أضل الألباب فلا تدري الرشاد، وأفسد الأفكار فلا تعلم ما المراد.

وله من أخرى إلى الوزير أبي الفتوح: ما زلت - فسح الله لك أيها الوزير الأجل غاية الأمل - منذ سمعت فضائلك تذكر، ومناقبك تنشر، وسور سروك تتلى، ومحاسن فعالك تجلى، أحن إليك حنين كلف، وأتشوق نحوك تشوق شغف، وأستمنح الأيام خلتك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015