أتعذب بغمته، وأتقلب في ظلمته، وتعرض علي أعمالي، ولا أدري إلى حيث يكون مالي.
هذا يا سيدي بعض ما تحصل في هذه الأحوال، بما جرى علي من الشدائد والأهوال، فرق الآن لأخيك رقة راحم، وابك عليه بدمع هام وساجم، وتقطع إشفاقا، واستشعر انطباقا، والبس عليه أغبر إن لم تلبس حدادا، وألق للعزاء عنه وسادا، واعجب لطول يلاعب الأيام بي، وتلونها [وتلويها] في تركي مطرحا بمنزلة ضياع، ووضعي غرضا لتحكم جهال ورعاع، أجرع، من الهون ما أجرعه، وأقابل من الضيم ما لا أدفعه، دهري كله وأكرب، وأجر كل حين بأيدي الاهتضام وأحسب، ولا أعدم في كل مكان من يتجنى، ويعدد ذنوبا لا تدرى، ولا ذنب لي إلا كف الأذى من لساني، ومسالمة الورى في سري وإعلاني، وإذا كانت هذه المحاسن التي تعجز عنها ذنوبي التي أجفى لها، فكيف أستغفر منها، وقل لي كيف أعتذر عنها - وما زلت أجهد - على علمك - أن يكون هذا الانفصال عنه اختيارا، فأبى الله إلا أن يكون اضطرارا، وطمعت أن أستفيد في تلك الصحبة ما يعينني على نيتي، ويريش جناحي للنهوض إلى طيتي، فما حصلت منها إلا على قبيح عزائمي.
قال ابن بسام: وهذا الفصل محلول من قول البحتري حيث يقول: [73 أ] .