جلس بعد أيام من صدره في مجلس الذهب، وعليه سيما الغضب والرهب، والناس يستعيذون بالله من بوسه، لما رأوا من فرط عبوسه، ثم قال: أين فلان - فكنت للشقوة غائبا عن المكان، فقيل ليس بحاضر، فاندفع من فوره وأقسم بالغموس أن أعزل عن خدمته، ولا أبقى في بلدته، فاستحوذ على الكل البهت، وملك جميعهم السكت، وحضرت أحد الوزراء بديهة تراجع بها شيء من ذهنه، فتجاسر بعض التجاسر عليه وذكره بالكظم، واسترجعه إلى سجيته من الحلم، فضجر أشنع من الأولى، وشد اليمين [72 ب] بأخرى، فانقطعت أسباب الرجاء، ولم تكن حيلة في القضاء، وسبق إلي النبأ الفظيع، ثم تلاه الأمر الشنيع، - جعلني الله [فداك]- صورتي إن صح لك توهم، وتخيل حالتي إن بقي لك تخيل؛ وأذكر لك ما بقي في ذكري وثبت في ذهني، وسقطت مغشيا علي، وعانيت الموت جادا إلي، وشاهدت نفسي وهي تخرج، ورأيت روحي وهي تعرج، وبقيت لا أقلقل ولا أزعج، كالمستضعف أحاطت به غلبة، ولم تسمع له طلبة، ويا لك من مقتدر شمخت العزة بأنفه، ولم يثن الجبروت من عطفه، وقد فارقت الرأفة، وتمكنت منه القسوة، واللجاج يغريه بازعاجي، ولا يشفيه شيء غير إخراجي، لعلمه أن ليس له عندي إنعام، يمكنني معه خروج أو مقام، ثم خرجت مع هذا كله على رغمي إلى شنتمرية، وهي القبر إلا أنها من قبور الرحمة، وأنا الآن فيه